الظل
البارحة عثرت على دمعة كبيرة...
كانت تبدو وحيدة جدا على تراب الزقاق المشمس. قلت لنفسي : قد تكون بصقة أو قطرة مطر...
ولكنني قررت سريعا أنها دمعة مسكينة، ولا يجدر بي تركها للشمس والغبار.
- عم كنت تسألني قبل قليل؟...
أحدق به ولكنه لا يجيب ككل الظلال. يتمدد على الأرض بكسل فقط، ويترك لي عناء الوقوف والعمل...
- أخبرتك أنهم حملوه إلى مكان بعيد. أمه أخبرتني بهذا وهي تعوي كحيوان جريح... قالت لي: أعده الآن، إنه ولدك.
ولكنني كنت جائعا وخائفا. صحت بها: لقد مات وانتهى الأمر.
كنت صامتا وكان التعب من يتحدث. سنوات طويلة ونحن نخبئ ابننا كثروة، ونناديه باسمه مرات عديدة حتى نصدق بوجوده...
كَسَرَت صحنا على الأرض، ومزقت منديل رأسها، ثم فتحت الباب وانطلقت إلى الخارج...
- أين اختفيت الآن؟ أنت ظل مدلل ولا تفعل إلا ما يحلو لك. حتى أنك اعترضت طريقي يوم كنت ألاحقها...
عرقلت خطواتي بتمددك اللامبالي على الأرض. صرخت بك: إنها تتخلص من ثيابها وترقص كمجنونة...
ولكننا لم نفعل شيئا أنا وأنت. أحصيت على الأرض سبع حشرات حمراء، وعندما وصلت إلى الثامنة تشوش تركيزي تماما...
ناجيت الله: سيذبحونه كدجاجة يا إلهي.
واكتشفت أن الحشرات الحمراء اختفت، وأنني رجل فقد ابنه الصغير والأشقر...
صرخت بها بأعلى صوتي: لماذا ولدته" زهريا"؟
لم تلتفت إلي، ورأيت كلمة تغادر وجهي: أنت طالق.
انتشرت رائحة النهاية في الأفق. أطلت النسوة من النوافذ وبكين، وسمعت صوتا رقيقا يهمس: سيموتان من الحزن.
كان يبدو واثقا جدا كقدر. أغمضت عيناي و انتظرت الموت.
تذكرت فجأة أنني أملك ظلا. فكرت بك كثيرا، وراودتني الهواجس: سيكون شكلك مريبا كظل وحيد.
كان عقلي معطلا وغير مفيد. فتحت عيناي بحذر، ورأيت زوجتي تبادلني نظرات غائمة، ثم تحرك ذراعيها... وتطير.