الجمعة، 24 أكتوبر 2014

الظل/هدى الشماشي

الظل
 
 

 البارحة عثرت على دمعة كبيرة...
كانت تبدو وحيدة جدا على تراب الزقاق المشمس. قلت لنفسي : قد تكون بصقة أو قطرة مطر...
ولكنني قررت سريعا أنها دمعة مسكينة، ولا يجدر بي تركها للشمس والغبار.
- عم كنت تسألني قبل قليل؟...

أحدق به ولكنه لا يجيب ككل الظلال. يتمدد على الأرض بكسل فقط، ويترك لي عناء الوقوف والعمل...
- أخبرتك أنهم حملوه إلى مكان بعيد. أمه أخبرتني بهذا وهي تعوي كحيوان جريح... قالت لي: أعده الآن، إنه ولدك.
ولكنني كنت جائعا وخائفا. صحت بها: لقد مات وانتهى الأمر.
كنت صامتا وكان التعب من يتحدث. سنوات طويلة ونحن نخبئ ابننا كثروة، ونناديه باسمه مرات عديدة حتى نصدق بوجوده...
كَسَرَت صحنا على الأرض، ومزقت منديل رأسها، ثم فتحت الباب وانطلقت إلى الخارج...
- أين اختفيت الآن؟ أنت ظل مدلل ولا تفعل إلا ما يحلو لك. حتى أنك اعترضت طريقي يوم كنت ألاحقها...
عرقلت خطواتي بتمددك اللامبالي على الأرض. صرخت بك: إنها تتخلص من ثيابها وترقص كمجنونة...
ولكننا لم نفعل شيئا أنا وأنت. أحصيت على الأرض سبع حشرات حمراء، وعندما وصلت إلى الثامنة تشوش تركيزي تماما...
ناجيت الله: سيذبحونه كدجاجة يا إلهي.
واكتشفت أن الحشرات الحمراء اختفت، وأنني رجل فقد ابنه الصغير والأشقر...
صرخت بها بأعلى صوتي: لماذا ولدته" زهريا"؟
لم تلتفت إلي، ورأيت كلمة تغادر وجهي: أنت طالق.
انتشرت رائحة النهاية في الأفق. أطلت النسوة من النوافذ وبكين، وسمعت صوتا رقيقا يهمس: سيموتان من الحزن.
كان يبدو واثقا جدا كقدر. أغمضت عيناي و انتظرت الموت.
تذكرت فجأة أنني أملك ظلا. فكرت بك كثيرا، وراودتني الهواجس: سيكون شكلك مريبا كظل وحيد.
كان عقلي معطلا وغير مفيد. فتحت عيناي بحذر، ورأيت زوجتي تبادلني نظرات غائمة، ثم تحرك ذراعيها... وتطير
.

هكذا تكلم القلب بقلم /سميرة فراجي

هكذا تكلم القلب
 
بقلم /سميرة فراجي 

ما زالَ يَسْكُنُ في عروقي.. في دمي
لَنْ تَطْـرُدِيـهِ إلى شَقَائِـهِ بالفـمِ!
إنّي وَعَدْتُكِ أن أتوبَ عـن الهـوى...

وأصـدّهُ عَـنّي وعَـنْـكِ لِتَسْلَمِـي
لكنَّـهُ قَـَدِري الجـمـيـلُ، أرَادَهُ
مَلِكـًا على عـرشـي الفريدِ الأعْظَمِ
الدِّفْءُ دِفْـؤُهُ، والمـكـانُ مكـانُـهُ
والنبضُ نبضُهُ هـل كذبتُ؟ تَكَلّمِـي!
لَنْ تُخْمِـدِي نَجْمًا هَـدَاكِ!ألَمْ يَكُـنْ
هُـوَ في سَمَاءِ هَـوَاكِ نجْمَ الأنْجُـمِ؟
إنّي فـؤادُكِ! عشـتُ حُبّي صادقـًا
فلِمَ التنكُّـرُ؟ هـل أحـبُّ لِتَكْتُمِـي؟
إنّي فـؤادُكِ! كـم بنيتُ بِلَـوْعَتِـي
صَرْحَ الوفاءِ! فَهَلْ نهضتِ لِتَهْدِمِـي؟
صوني العهودَ مدى الحياةِ ولَمْلِمِـي
عنكِ التشكّكَ في غرامِـهِ.. لَمْلِمِـي!
صَدّقْتِ أقـوالَ الـوشـاةِ فَهَيَّجُـوا
فيكِ الظنـونَ وخُنْـتِ عَهْـدَ مُتَيَّـمِ
إنِّـي سمعتـُهُ يشتكـي بِمَــرَارَةٍ
آلامَ وجْـدِهِ، فٱرْحَمِيـه لِتُـرْحَمِـي!
أنسِيـتِ قَـلْبـًا قَـدْ أتَـاكِ مُكَلَّـلا
بِجُنُونِهِ..؟ أنسِيـتِ أنه تَـوْأَمِـي..؟
وأقمتِ عُرْسًا حين حـلّ بـداخلـي
واليـوم شيَّعـتِ الهوى في مأتمِـي!
كم قلـتِ إنّي جنـةٌ لكِ في الهـوى
واليـومَ قـد شبَّهتِنـي بجـهـنَّـمِ!
كم قلتِ : هذا الحبُّ سرُّ سعادتــي
واليـومَ أنـتِ لفظتِـهِ كالعـلـقـمِ!
حَكَّمْتِ عقلكِ كـي يُذَوِّبَ لـوعتـي
ويزيلَ حبَّه من عروقي.. من دمِي..
وظننتِ أنِّـي مثـلُ عقلكِ جـاهـلٌ
لأتـوبَ أو في ناِر جهلـهِ أرْتمِـي
أبدًا... فحبُّـهُ في الحنـايـا ذائـبٌ
لن تهـربي منـهُ..وَلَـوْ بِتـوهُّـمِ!
للقلـبِ عـقـلٌ تجهليـنَ حُـدودَهُ
فـي جهلـهِ علـمٌ بما لـم تعلَمِـي
فتأكّـدي أنِّـي سـأشعـلُ ثـورةً
في الحـبِّ كي لا تَعْزليهِ وتنْدَمِـي
وأشـنُّ غـاراتي عليكِ لتَخْضَعِـي
وتناصري شرعَ القلوب وتُهْـزَمِـي
وأحـوِّلُ الأشـواقَ نارا في الحَشـا
كي تلْمسي في النـار مهجةَ مُغـرَمِ
فاسْتسلمي.. لا تهربي يا جارتـي
إنـي ضميـرُكِ دائما فـاسْتسلِمِـي

إﺫا لم تجدها ...!/ أبو فيروز


إﺫا لم تجدها ...!

    ا.ابوفيروز

إذا لم تجدها ....

خد من أبجدية التكوين مضغة من طعمها

لكي تحمي عرائسها من غرور الزنابق

وصورة لها وهي تتعلم ركوب الخيل

خدسحرها الساحلي الذي أنفقت عليه من حلمها

وحبرها الملكي ، كي ترد على سؤال ستطرحه عليك إذا لم تجدها

ولا تنس هدهدا يأتيك بغرفة نومها

ربما تكسب عطف انتظارها

فيسعفك احتفال المفردات بسحر المجاز

فالمجاز أقل ألما من ألم لم يأت بعدْ ...!

 

إذا لم تجدها ...

على المائدة الصغيرة ضع مساءك الصغيرْ

على ذراعيه تصحو كمنجة وأخرى تنام

تحقن جفون زرياب بالأرق كي لا ينام

كن حريصا في تأثيث مسائها

فهي تحب على المائدة  "كتاب الأميرْ "

و إن لم يكن ، فكأسي نبيذ وباقة فل و وردْ .

 

إذا لم تجدها ...!

خد آخر احتمالات حالة طقس عينيها

 فنيسان في عينيها ماكر كالمدن العتيقة

فهي قد تطل ذات ربيع منها عليك بين السحاب من بعيد

فمن شهيق حبيبات الضوء على صدرها سيولد فجرك

على يديك ، وتصبح عيناك عاصمة ملكها من جديد

فكن شاهدا أنيقا على طقوس زينتها التي فاح منها حر و بردْ

 

إذا لم تجدها ...!

 ولم تجد نكهة البراري لذيذة في غروبها

 خذ قبلتين من شفتيها الصارمتين

كن جديرا بها 

وباختلاف الليل والنهار في أسمائها

أعلى من الصنوبر قليلا ، أعلى من ذنوبها

 ضع تاجها المبلل بالياسمين

تأتيك قبل أن يرف زوج الحمام ويسرقا منها الهديل

خذها إليك ، واحتمل قدحا من يديها قد يخذل أي ردْ .

 

إذا لم تجدها ...!

خد خارطة للحدائق المعلقة في جناحيها وشرفتين

واستبقها إلى حيث أجمل أصدافها منفاك

إلى اسمها المقدس حيث تنام رفات خيمتها

كي تطل عليها ، إذا لم تجدها مرتين

ربما تطلع من  دموع المغنين سحابة

ظللتك ، ثم سقتك من خوفها عليك جرعتين

 فاستغفر ضعفها ، وانتشر حولها مولى وعبدْ .

 

إذا لم تجدها ...!

إذا لم تجدها تسلي ضفائرها في انتظارك

ولم تجد على شفتيها فسيفساء أنوثتها

تروض مناخ ابتسامتها الخجول

فاحذر تشابه القرنفل

وادخل مساءها صباحا

قبل أن يدركها اعتدال الفصول

فلا وقت للربابات واعتذارك

فانسياب جدائلها

 قد تصيبك منه ضربة شمس

إذا لم تجدها وصلت بعد غدْ...!

2

إذا لم تجدها ...!

أعدها إلى أبويها

وخذ من سيئاتها رقصة لم تلدها

وخذها إلى ضفافك واستبحْ

كل عناقيد الأنوثة لكي يتضحْ

ما في عرسها ، من جموح النخيل يعصرها عطرا وشهدْ

 

إذا لم تجدها ...!

إذا لم تجدها تصحح أخطاء الحالمين

أعدها إلى مراياها ، تجد بقاياها

جارية من بابل توبخ دجاجاتها

و تملأ جرة بضوء الصباح

وتترك واحدة للنبيذ

إرفع قلبها قليلا ، تجد خريفها يركب سحابة

يحوم حول أسرة النائمين

لكل عاشق منه جزيرة ، سكانها شامة و خدْ

 

إذا لم تجدها ...!

خذ موجتين من حلمها

واحدة كي ترسم بملحها أيقونة لجرحك

واترك الثانية تجف قليلا

واصنع من ريشها مخدة

لتشفى قتاراتك من جنازات بوحك

واخفض لها جناح الود من الود

واصطحبها تجدها تلمع جناحيها

اعد صياغة تاجها ، وليكن على مقاس صرحك

فللبحر في خواطرها خيول قد تتمرد عليك

إذا عبرت ليلها ولم تجد

 احلامها القليلة نائمة بين يديها

 تحرسها قناديل البحر

يحرسها حظ و سعدْ

 

إذا لم تجدها ...!

  تركض خلفها ضفائرها كحصان

   على جدول يسر الناظرين في صدرها

 عطرته في انتظارك

 أترك لها هلال كي تراك في المنام

 أعدها إلى سيرتها

   كما كانت حدائقها تلهت خلفها كبركان

إذا لم تجدها ولم تجد عرشها

ادخل معبدها تجد حفيداتها

 توشح صدرها أيقونة عين و يدْ

 

إذا لم تجدها ...!

إذا لم تجدها في انتظارك

توبخ رسولا لم يتل عليك سلاما بصوتها

في موسم زفاف الفراشات بموتها

حول شمعة متعبة ، تذكرت ...

 أنها نسيت موعدا ما في حقيبة ما

في أغنية ما ، تحذر قتارة خرجت عن صمتها

في نهار ما ، تعبت قدماه من الرحيل المقدس على حساب جيد ونهدْ

3

إذا لم تجدها ...!

كنها كاملة غير ناقصة ، واعبر لغة الحواريين

على فرس تحمل لفظ البداية

وخذها من حلم يفترش الأرض

يسلي عينيه بغيمة على جبل تود الرجوع إلى أمها ، إلى بحرها

فكلما تساءلت غربتك في ذهنك عن جدوى الكناية

وخوف الخريف من أن تجرح يداه نحلة حطت على خصرها

إذا لم تجدها ، ولم تجد غير قلبها مغمى عليه

أعدها إلى قصرها

أعدها إلى قصيدة ليس فيه جزر و مدْ

 

إذا لم تجدها ...!

لا تختلف معها حول رائحة النهوند في نهدها

أهي فاكهة الموسم

 أم اختلال الطبيعة في تغاريد ابن رشدْ...!

وادخل ليلها

واحذر خيلها

تجد في عينيها موشحا يتحسر على رداءة المجاز

... و آلهة تحتفل في صمت ، بصمت

لا يليق بمفردة حملتك من ذاتك إلى ذاتك إلى أبعد حدْ...!

 

إذا لم تجدها ...!

ولم تجد كاسا واحدة تبرر غيابها

ولم تجد غير قافلة تحرس ما تركت

طوطما خذلته غرائز الجناس

 دالية ترضع زبيبها نبيذا فاسدا

جوادا للصيد ، وبصمة خاتم على رسالة

كيس أحلام لكي تطرد عن عينيها أثر النعاس

ومشطا من شدة حزنه عليها ، مات واقفا كالمسلات

وراوية روت ...

فنامت على إيقاع نبض أطلالها خطا و سردْ

 

إذا لم تجدها ...!

خد بيديها

كن واقعيا كظل جفت عروقه في الظلام   

واصطحبها إلى هناك

حيث لا فارس يكسر أنوثتها نصفين كالبرتقالة إلا أنت

لا تكن قاسيا وأنت تأكل أحد نصفيها

لا تكن كائنا داكنا كلغز الغمام

لا تكن نرجسيا أكثر من ذكور اليمام 

لا تحملها فظاظة قلبها 

ولا تعاتب حظها إذا خاصمته ضربة نردْ

 

إذا لم تجدها ...!

خد كتابكْ

إذا لم تجد

 خد كتاب أول غريب صافحت عيناه غربتك

فقد تكون في سمائه غيمة بررت ذات يوم غيابك

فالغربة تقاطع إسمين في جوازي سفر مغتربين

يؤرخان لسقوط المفردات في فخ هشاشة المعنى

دع عتابكْ

تجد ، كم أنتما غريمين حبيبين غريبين

كل واحد يتأمل حظوظ احتراق غربته في آخره

 ولا تكتب خطابكْ

إذا لم تجدها ، خذ باليمين كتابكْ

واقرأْ

" إن خروج المفردات عن طاعة المجاز

اقل الما من ان تعنفك في حضورها باقة فل و وردْ "

 الاخير4

إذا لم تجدها ...!

إذا لم تجدها ، كعادتها

تراودك عن نفسها ، أعدها إلى عادتها

لكي تزاول أنوثتها كأي فرس ...

وما في قلبها من هدوء يؤججه الصهيل

ففي الوجع المقدس تنمو كهرباء البقاءْ

ثم أعد ليلها إلى ليلها

وضع بين يديه نخلة

تربصت جدائلها بخوفها عليك

وكن أجمل مما يحرج العطور على جيد النساءْ

أو أشد خوفا من الفراشات على صغارها في المساءْ

تجد حلمك في غرفة نومها نائما في حضن كأسها

وأخفت مفاتن اللوز عن عيون سادية الشتاءْ

في وريدها ليعبر الحالمون خوفهم

إليها إليك ، ربما قد تكون احتفت بمولدها ... بعد غدْ

 

إذا لم تجدها ...!

ولم تجد في نحافة عزفها إليك هلالاً

ولم تجد في جزالة خوفها عليك ظلالاً

ولم تجد في براءة حتفها لديك سؤالاً

ولم تجد لغة كي تحرر زينتها من ضلالة الحالمين

ومن سذاجة الياسمين

خذ عزفها وخوفها وحتفها

وكن لها وعليها إذا لم تجدها مهدا ولحدْ

 

إذا لم تجدها ...!

خدها إليك

 أعد عليها ما قال عروة ابن الوردْ

لآخر نخلة رأته وظللته في أقاصي الحجاز

 " ان احتفال المفردات بظلم المجاز

 أقل ألما من ألم لم يأت بعدْ... "

 

 

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best Buy Coupons تعريب : ق,ب,م