skip to main |
skip to sidebar
12:18 م
المقهى الأدبي وجدة
المقهى الأدبي
وسر النجاح
بقلم بوعلام الدخيسي
المقهى الأدبي بوجدة مؤسسة ذات طابع تطوعي استطاعت في أقل من سنتين أن
تعطي الثقافة في مدينة وجدة والنواحي ما لم تعطه مؤسسات ذات الطابع الوطني
الرسمي وهنا يطرح السؤال نفسه ليقول : كيــــف ؟؟
تتداخل الأجوبة و
تفرز بدورها أسئلة أخرى ، لكن نجمل القول ونقول إن رصيد الصدق كان أهم
مكونات رأس مال هذا المشروع الذي ينمو باستمرار، وما يُحسب للمقهى ويَظهر
للقاصي والداني أن الهدف ترسمه خطى المقهى بشكل شديد الوضوح حيث خدمة الأدب
في المنطقة وتشجيع الكِتاب والكُتاب وإعطاء الفرصة لكل الطاقات والمواهب
في المدينة .. يفسر ذلك ما حققه المقهى من حفلات توقيع لم تستثن فئة ولا
جنسا أدبيا ولا منطقة من مناطق الجهة الشرقية .. وما يرافق تلك الحفلات من
قراءات أبرزت وجوها ذات وزن في المنطقة طالما طالها الحيف والإهمال بل إن
تنشيط هذه اللقاءات أيضا روعي فيه مبدأ إعطاء
الفرص للجميع فتناوبت على إدارة المنصات العشرات من الوجوه الأدبية
والفنية والصحفية والإذاعية القيمة .. إضافة إلى أنشطة أخرى تخص الأدب
عموما كان لها وقعها الشديد وهي تحتاج إلى دعم أكثر و عمق أكثر ..
من
أرصدة المقهى أيضا استماتة رواده و مسيريه و نشاطهم الدؤوب حيث إن شهر
رمضان لهذه السنة - على سبيل المثال - عرف حوالي ثلاثة عشرة نشاطا منها ما
كان بتنسيق مع جهات صديقة ومنها ما كان خارج المقهى والغريب في الأمر هو
نجاح هذه الأنشطة كلها و تسجيل حضور - وإن بشكل متفاوت - إلا أنه لا يعكس
تماما ما كانت تعيشه المدينة في ظل الواقع السابق الذكر رغم ندرة المناسبات
.
المقهى الأدبي مع مؤسسات أخرى تفتل في نفس الحبل استطاعت أن تخلق
جمهورا للثقافة يجمعهم رابط وشيج من المودة والاحترام وهذا ما لم تفكر
وتخطط له المشاريع السابقة وبعض منها ما زال يوازي عمله عمل المقهى لكن في
عزلة لا تؤدي إلا إلى الفشل لا قدر الله . الثقافة في المدينة الواحدة
جمهورها قليل وهذا واقع مرير نعم ، لكن لا مفر من التعامل معه ومن يزيد في
تعقيد الخارطة إنما يقتل نفسه والغير، وهذا ما لم تفعله المقهى وما
استطاعت بتجنبه أن تحقق ما حققت ولها أن تـَعُـظ َّ على هذا المكتسب وغيره
بالنواجذ لتحقق ما هو أكثر في المستقبل إن شاء الله .
غياب الذات وذوبانها في الجماعة كان السمة الأساس و ينبغي أن يبقى صامدا حتى يكون المقهى فعلا بيت الجميع .
الزهد في الآخر وعدم الاكتراث للألقاب وقرع الطبول كان وسيبقى من سمات
المقهى أيضا حيث إن المقهى سيبلغ ما يبلغ بالزهد فيه وعدم الهرولة شطره ،
وقد انتبه المنظرون للمقهى في وقت مبكر إلى أن النرجسية المفرطة لا تصيب
الفرد فقط إنما تصيب الجماعات أيضا ومن هنا أصبح لا يعني المقهى وأهله أن
يُهلل له و يُكبَّر بقدر ما يهمهم البناء و صلابته حتى إن المقهى ومؤسسيه
والمشرفين عليه أبلوا البلاء الحسن في الصبر مرات عديدة حينما لم يُعط
للقائمين على المقهى ما كان يجب من القدر مؤمنين في ذلك بأن التاريخ وحده
من سينصف الصادق و يفضح المتسلق أكتاف المجتهدين .
أخيرا نختم القول
ونقول إن المقهى وجد رجالا ونساء في مستوى الحدث ولقي تجاوبا بين أصحاب
الفكرة وأصحاب الطموح وهو بجهود الجميع قد يستطيع أن يعطي أكثر في ظل ما
قلنا وعلى رأس ذلك كله رصيد الصدق و رابط المودة وروح الجماعة ونكران الذات
الساريتين في عروق المقهى ورواده .
هنيئا للمقهى هنيئا لمحبيه هنيئا لوجدة وجيرانها بهذا الصرح الذي أصبح مكتسبا لا يقبل التفريط فيه قدر أنملة .