إلى حبيبتي:
شعر د/مصطفى سلوي
(حَبيبَتي)
وَأَنْتِ ربيعُ الْعُمْرِ أَحْياهُ،
حينَ الْخَريفُ سَما
وَفي سَوادِ الرَّأْسِ،
صَفَّ شُموعَهْ..
أَنْتِ الَّتي يُغازِلُني لَحْظُكِ،
وَشِفاهُكِ الْحُمْرُ
تُعَتِّقُ خَمْراً
مِنْ زَمَنِ الدَّيْرِ وَالصَّهْباءِ
الَّذي بَيْنَ ذِراعَيَّ
كَسَرَ دُروعَهْ...
*********************************
حَبيبَتي؛
وَأَنْتِ لَحْنُ الْخُلودِ أَعْزِفُهُ
عَلى أَوْتارِ كَمانٍ؛
مِنْ ضُفْرَتَيْكِ سَداهُ،
وَصَوْتُهُ
بَيْنَ لَثّاتِ ثَغْرِكِ
دَسَّ دُموعَهْ...
حَبيبَتي؛
وَقَوامُكِ السّاحِرُ الْخارِقْ؛
كَما في (أَلْفِ لَيْلَةٍ وَلَيْلَهْ)
وَ (الْإِمْتاعِ وَالْمُؤانَسَهْ)؛
حَيْثُ النِّساءُ
أَعْمِدَةٌ مِنْ بِلَّوْرٍ؛
يَقْرِضْنَ الشِّعْرَ،
وَيَرْقُصْنَ (السّامْبا)،
وَلِكُلِّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ
عِفْريتٌ مارِقْ...
**********************************
حَبيبَتي؛
يَقْهَرُني هذا الْجَسَدُ
الْمَفْتونُ بِرَوْحِ الْخالِقْ،
يَهْزِمُني،
يَصْنَعُ لي قَبْراً
في شارِعِ ما بَيْنَ النَّهْدَيْنْ،
وَيَتْرُكُني كَالْمُذْنِبِ،
بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنّارِ
عالِقْ...
يُذيبُني كَالصَّخْرِ،
يُحْرِقُني
إِحْراقَ الْماءِ في النَّهْرِ،
ثُمَّ يَقْطَعُني
إِرَباً إِرَباً،
وَيُوَزِّعُني
عَلى كُلِّ ذاتِ خالٍ
لَها في تاريخِ الصَّبابَةِ
قُلَيْباً عاشِقْ...
**********************************
حَبيبَتي؛
مَنْ عَلَّمَكِ الْحُبَّ؟
مَنْ لَقَّنَكِ أَبْجَدِياتِ الْعِشْقِ،
وَالْعِشْقُ بَيْنَ ذِراعَيْكِ
سَلْسَبيلَ ماءٍ حارِقْ؛
يَغْسِلُني..
يُطَهِّرُني مِنْ أَرْداني،
وَمِنْ لَذّاتِ نِساءٍ
خَلَوْنَ قَبْلَكِ
كانَ عِشْقُهُنَّ جُحوداً
أَوْ صَبْوَةَ مُراهِقْ..
وَعِشْقُكِ أَنْتِ
- بَعْدَ سُقوطِ أَوْراقِ الْخَمْسينَ-
عُمْرٌ
فَجْرُهُ صادِقْ...
***********************************
حَبيبَتي؛
وَأَنا الَّذي
مَلَّكْتُ النِّساءَ فُؤادي
أَصْبَحْتُ
- بَعْدَ كُلِّ النِّساءِ-
زِئْرَ نِساءٍ طالِقْ..
أَتَوَسَّدُ خِصْرَكِ الْمَمْحونَ،
وَبَيْنَ خُلْجانِ
هذا الْجَسَدِ الْمَحْمومِ؛
أَرْتَشِفُ لَذّاتٍ،
تُسْكِرُ بِلا خَمْرٍ،
وَتُحيلُ العَجوزَ فَحْلاً،
وَالْأَخْرَسَ
بِالْفَصاحَةِ
أَخْفَشاً ناطِقْ...
********************************
حَبيبَتي؛
قَدْ مَلَكْتِ الْقَلْبَ
وَكانَ الْقَلْبُ مِنْ قَبْلِكِ
طَلَلاً
يَسْتَعيدُ
(أَقْفَرَ مْنْ أَهْلِهِ مَلْحوبُ)؛
غادَرَتْهُ مِنْ صَبْوَةٍ
- ذاتَ رَخاءٍ حاتِمِيٍّ-
أَزْهارُ الْحَدائِقْ..
حَبيبَتي؛
قَبَّلْتُ الشِّفاهَ
طَوالَ تاريخِ عِشْقي؛
حينَ لَمْ أَدْرِ
أَنَّ تَحْتَ الشِّفاهِ
سُمّاً خارِقْ...
هَلْ عِنْدَكِ شَكٌّ
في أَنَّكِ الْعِشْقُ الْوَحيدُ
في مغارِبِ الدُنيا
وَالْمَشارِقْ..
هَلْ عِنْدَكِ شَكٌّ
في أَنَّكِ (لَيْلى)
وَأَنا (الْمَجْنونُ)
إِلى أَنْ يَخْرِسَ الشِّعْرُ،
وَيَمْحُوَ الشُعَراءُ أَلْواحَهُمْ،
وَتَموتَ على ضِفافِ أَنْهارِها
شَقائِقُ اللَّقالِقْ...
**********************************
حَبيبَتي؛
أَشَهْداً تَنْفُثينَ مِنْ ثَغْرِكِ،
أَمْ ثَغْرُكِ
لِلشَّهْدِ
صانِعٌ حاذِقْ؟!
حَبيبَتي؛
وَهذا الْجَسَدُ الْغَضُّ؛
بِاللَّبْلابِ الْحُرِّ
أَنْتِ غَسَلْتِهِ،
أَمْ بِهَوى الْمِسْكِ،
حينَ الْمِسْكُ
انْتَشى
يُغالِبُ بَيْنَ ساقَيْكِ
الْفاتِنَتَيْنِ
هذا الْهَوْلَ الدّافِقْ...
*************************************
حَبيبَتي؛
وَاَنا الرَّقْراقُ الْعَظيمُ
عَلى شاطِئَيْهِ
ارْتَمى اللَّحْنُ وَالْمِزْهَرُ،
يُداعِبُ تَحْتَ قَدَمَيْكِ
لَحْناً صاعِقاً يَسْحَرُ،
يُقَبِّلُ الْوَجْنَتَيْنِ،
وَثَغْراً مِنْ شِفاهِهِ الْحُمْرِ
الشَّذى يَقْطُرُ..
يَسْتَحيلُ بَطَلَ (طِرْوادَةَ)؛
إذ يَغْمِزُهُ
طَرْفُكِ الْأَحْوَرُ...
حَبيبَتي؛
وَأَنا الرَّقْراقُ الْعَظيمُ،
في مَوْجِيَ
يَسْتَحِمُ الْخُلودُ،
وَفي مَرْجِيَ
تُولَدُ النَّسَماتُ،
وَفي لَيْلِيَ الْبَهيمِ؛
أَنْتِ.. أَنْتِ..
الْقَمَرُ الْأَحْمَرُ...