سيجارة أخرى
بقلم/مريم حموش
الساعة الواحدة بعد منتصف الليل,شاب في العشرينات من عمره , يجلس رفقة صديقين له يدخن سيجارة خفيفة أمام بيت جدته في حارة شبه قديمة.
جالس هو و الصمت مسيطر عليه على غير عادته , استغرب الحاضرون , لماذا هذا الصمت يا صاحبي? لم تكن يوما تغلق فمك عن الثرثرة و الضحك و رواية قصصك و مغامراتك , فيما تفكر?
نظر اليهما والحيرة في أعينه , فسأل سؤاله , أتذكراني عندما كنت صغيرا ? عندما كنت اتي الى هنا فقط من أجل زيارة جدتي في نهاية كل أسبوع لأمضي بعض الوقت في اللعب ثم أعود ألى بيتنا , و الى سرير...ي و لعبي و مدرستي ...ااه مدرستي,لو كنت مازلت أدرس لما انتهى بي الأمر جالسا أمامكم و بيدي سيجارة لم أتوقع يوما أن أمسكها بين أناملي.
الجميع ينصت باحكام و كل واحد منهم استرجع ذكريات ذلك الطفل الوسيم و الأنيق جدا جدا , الذي كان يمثل لفتيات الحارة عرض أزياء من الدرجة الأولى. تذكروا وجهه الطفولي البريء الذي كان متأثرا بلغة أجنبية فكان يصعب عليه قول بعض الكلمات الطريفة التي كانت رائجة بين أطفال الحي .
في الحقيقة لم يتغير كثيرا , فملامح وجهه مازلت طفولية , لكن ملامح البراءة اختفت...لكنه مازال أنيقا ...نعم أنيقا شكلا , أما مضمونا , لم يعد.فالدخان أهلك رئتيه الصغيرتين و شوه صورته أمام الجيران , فمنهم من يقول عند رؤيته , ’لا حول ولا قوة الا بالله’ , و اخر يقول ’ الله يهديه ’ و أخرى تقول ’ أصحاب السوء أفسدوك ’ و عجوز يضيف متنهدا ’ يا حسرتاه على شباب ضاع مع سيجارة حشيش رخيصة ’...
تذكر الشاب يوم عرس خاله , يوم ألبسته أمه بذلة بيضاء و سرحت شعره بشكل جميل فأصبح يمشي وسط الأطفال يتفاخر بجماله و يعرض الزواج على بنات خالاته و جيرانه...
رسم على شفتيه ابتسامة ممزوجة بشيء من الحزن و تمنى لو أن الزمان يعود به مرة أخرى , فهو الان أنسان فارغ , عجوز في العشرين من عمره , لا يدرس ولا يعمل و لا يفعل شيئا سوى السجائر و الحشيش و السهرات .
لكن , في هذه الساعة , الساعة الواحدة بعد منتصف الليل , قرر الشاب مراجعة ملفاته قائلا لنفسه , ربما حياتي الحالية جميلة , فأنا أخرج ,أمرح , أرقص , أسبح , أفعل كل ما يحلو لي ..لكن...هل هذا حقا ما أريد ? و هل هذه هي ساعة التغيير ? تنهد و قال لنفسه...لم أعد أعلم شيئا.
و التفت ألى الصديقين و طلب سيجارة أخرى و أكمل السهرة بهدوء تام و فكر مشتت...
مريم حموش
جالس هو و الصمت مسيطر عليه على غير عادته , استغرب الحاضرون , لماذا هذا الصمت يا صاحبي? لم تكن يوما تغلق فمك عن الثرثرة و الضحك و رواية قصصك و مغامراتك , فيما تفكر?
نظر اليهما والحيرة في أعينه , فسأل سؤاله , أتذكراني عندما كنت صغيرا ? عندما كنت اتي الى هنا فقط من أجل زيارة جدتي في نهاية كل أسبوع لأمضي بعض الوقت في اللعب ثم أعود ألى بيتنا , و الى سرير...ي و لعبي و مدرستي ...ااه مدرستي,لو كنت مازلت أدرس لما انتهى بي الأمر جالسا أمامكم و بيدي سيجارة لم أتوقع يوما أن أمسكها بين أناملي.
الجميع ينصت باحكام و كل واحد منهم استرجع ذكريات ذلك الطفل الوسيم و الأنيق جدا جدا , الذي كان يمثل لفتيات الحارة عرض أزياء من الدرجة الأولى. تذكروا وجهه الطفولي البريء الذي كان متأثرا بلغة أجنبية فكان يصعب عليه قول بعض الكلمات الطريفة التي كانت رائجة بين أطفال الحي .
في الحقيقة لم يتغير كثيرا , فملامح وجهه مازلت طفولية , لكن ملامح البراءة اختفت...لكنه مازال أنيقا ...نعم أنيقا شكلا , أما مضمونا , لم يعد.فالدخان أهلك رئتيه الصغيرتين و شوه صورته أمام الجيران , فمنهم من يقول عند رؤيته , ’لا حول ولا قوة الا بالله’ , و اخر يقول ’ الله يهديه ’ و أخرى تقول ’ أصحاب السوء أفسدوك ’ و عجوز يضيف متنهدا ’ يا حسرتاه على شباب ضاع مع سيجارة حشيش رخيصة ’...
تذكر الشاب يوم عرس خاله , يوم ألبسته أمه بذلة بيضاء و سرحت شعره بشكل جميل فأصبح يمشي وسط الأطفال يتفاخر بجماله و يعرض الزواج على بنات خالاته و جيرانه...
رسم على شفتيه ابتسامة ممزوجة بشيء من الحزن و تمنى لو أن الزمان يعود به مرة أخرى , فهو الان أنسان فارغ , عجوز في العشرين من عمره , لا يدرس ولا يعمل و لا يفعل شيئا سوى السجائر و الحشيش و السهرات .
لكن , في هذه الساعة , الساعة الواحدة بعد منتصف الليل , قرر الشاب مراجعة ملفاته قائلا لنفسه , ربما حياتي الحالية جميلة , فأنا أخرج ,أمرح , أرقص , أسبح , أفعل كل ما يحلو لي ..لكن...هل هذا حقا ما أريد ? و هل هذه هي ساعة التغيير ? تنهد و قال لنفسه...لم أعد أعلم شيئا.
و التفت ألى الصديقين و طلب سيجارة أخرى و أكمل السهرة بهدوء تام و فكر مشتت...
مريم حموش