العـــيـــــــــــــد
بقلم الشاعر محمد علي الرباوي
رَصَاصُ البَنَادِقِ أَخْطَأَ صَدْرَ العَدُوِّ
وَلَكِنَّهُ قَدْ أَصَابَ صُدُورَ الأَحِبَّةِ
آهٍ أَصَابَ الصُّدُورَا
فَلَوْ نَحْنُ مِنْ مَازِنٍ يَا أَحبَّاءِ
لَمْ تَسْتَبِحْ طَلَقَاتُ الرَّصَاصِ الصُّدُورَا
لِمَاذَا بِسَوْسَنَةِ الفَجْرِ نَحْلُمُ
مِنْ أَيْنَ يَأْتِي الضِّيَاءُ إِلَيْنَا
-أَحِبَّايَ- مِنْ أَيْنَ يَأْتِي الْحَمَامُ
وَهَا الشَّامُ تَكْرَهُ أَهْلَ العِرَاقِ
وَأَهْلُ العِرَاقِ لَهُمْ كَارِهُونَا
وَكُلٌّ لِصَاحِبِهِ مُبْغِضٌ
يَرَى كُلَّ مَا كَانَ مِنْ ذَاكَ دِينَا
فَيَا طَلَقَاتِ الَبنَادِقِ
رُشِّي صُدُورَ الأَحبَّةِ رُشِّي العُيُونَا
وَلاَ تَسْألِي كَيْفَ نَازَلْتُ ذَاتِي
فَلَوْ قَتَلَتْنِي فَأَرْتَاحَ مِنِّي
وَلَكِنَّهَا أَخَذَتْنِي أَسِيرَا
تَدْخُلُُ سِيقَانُ الْحُزْنِ شَوَارِعَ ذَاتِي.
مَنْ دلَّ الْحُزْنَ عَلَيْكَ وَمَنْ علََّمَهُ أَنْ يَبْنِيَ مِنْ أَشْجَارِكَ
أَعْشَاشاً يَا نَارُ ﭐشْتَعِلِي. لاَ مَانِعَ أَنْ تَقْتَحِمِينِي. ٱقْتَحِمِينِي
وَأَرِيحِينِي مِنْ سِيقَانِ الْحُزْنِ. هِيَ النَّارُ تَرَاقَصُ فِي غَابَاتِ
الأَرْضِ وَلَكِنَّ لِذاتِـيَ أَشْجَاراً بَاسِقَةً تَحْمِي الطَّيْرَ مِنَ
الْحُزْنِ فَيَا نَارُ ٱشْتَعِلِي إِمَّا جَاءَ العِيدُ وَإمَّا أدْبَرَ هَذَا
العِيدُ ٱشْتَعِلِي لاَ مَانِعَ أَنْ تَقْتَحِمِينِي. ٱقْتَحِمِينِي
وَأَرِيـحِينِي مِنْ سِيقَانِ الْحُزْنِ ٱلقَاتِلْ.
اِشْتعَلْتُ مِرَارَا
وَهَا أَنَذَا أَحْتَرِقْ
هَذِهِ الرِّيحُ تَجْمَعُنِي مِنْ رَمَادِي
تَقُولُ: ٱنْطَلِقْ أَيُّهَا الْوَلَدُ الغَمْرُ
لَكِنَّمَا قَبْلَ أَنْ أَنْطَلِقْ
أَحْتَرِقْ
.............................. ....................
أَنْتِ أَيَّتُهَا العِيسُ دُوسِي بِأَخْلاَفِكِ
الزُّرْقِ مَا قَدْ تَبَقَّى أَمَامَكِ مِنْ وَشْوَشَاتِ رَمَادِي ٱمْسَحِي كُلَّ
ذَرَّاتِهِ أَوْ ضَعِيهَا عَلَى سَعَفِ النَّخْلِ سُنْبُلَةً تَحْتَرِقْ
مَنْ إِلَيْكَ شَكَا بِتَحَمْحُمِهِ. وَاهِمٌ أَنْتَ
لاَ تَطْلُبُ البِيدُ غَيْمَكَ إِلاَّ إِذَا أَخْرَجَتْ ثِقْلَهَا الأَرْضُ.
تَذْكُرُهَا وَصَوَارِمُهُمْ مِنْ دِمَائِكَ تَقْطُرُ. تَذْكُرُهَا هَلْ وَدِدْتَ
عِنَاقَ الصَّوَارِمِ إِذْ لَمَعَتْ مِثْلَ بَارِقِ ثَغْرِ حَبِيبَتِكَ
الْمُتَبَسِّمِ أَمْ هَلْ وَدِدْتَ ﭐلدُّخُولَ إِلَى مَمْلَكَاتِ الثُّلُوجْ.
وَاهِمٌ أَنْتَ هَلْ يَنْسِجُ الْكَرُّ وَالْفَرُّ
أَجْنِحَةً فِي زَمَانِكَ هَذَا. هَلْ يَنْسِِجُ الكَرُّ وَالفَرُّ عُشًّا يَقِيكَ
لَهِيبَ الثُّلُوجْ.
وَاهِمٌ أَنْتَ. هَلْ كَبِدٌ لَكَبِيرِ العَشِيرَةِ
هَلْ كَبِدٌ لِلْحَجَرْ
فَتَسَلَّلْ إِلَى عُمْقِ أَحْشَائِكَ الآنَ
فَتِّشْ أَتَلْْقَى بِهَا كَبِدَا
خَلِيلَيَّ مَا لِلْحُزْنِ يَزْدَادُ جِدَّةً
عَلَى الدَّهْرِ وَالأَيَّامُ يَبْلَى جَدِيدُهَا
أُقَدِّمُ قَلْبِي لِلْقَبِيلَةِ نَخْلَةً
لَعَلِّي بِهَا أَدْنُو مِنَ القَمَرِ العَالِي
وَلَكِنْ تَخَطَّانِي مَطَايَا أَحِبَّتِي
فَأَبْقَى بِلاَ قَلْبٍ وَأَبْقَى بِلاَ آلِ
فَتَعْوِي الذِّئَابُ الزُّرْقُ مَا بَيْنَ أَضْلُعِي
وَتَزْحَفُ سِيقَانُ الصَّدَى نَحْوَ أَوْصَالِي
أَلاَ مَا لِهَذَا الْحُزْنِ يَزْدَادُ جِدَّةً
وَما لِرِيَاحِ الْخَوْفِ جَاءَ بَرِيــدُهَا
هُوَ العِيدُ فِي الطُّرُقَاتِ
يُوَزِّعُ جَمْراً عَلَى الشُّعَرَاءِ
وَخَمْراً عَلَى الأُمَرَاءِ
فَمَاذَا يُخَبِّئُ لِلْفُقَرَاءِ
هَلْ يَلْتَقِي الْجَمْرُ بِالْخَمْرِ
هَلْ يُعْطِيَانِ لِكُلِّ الْمَسَاكِينِ وَجْهاً
جَدِيدَا
.............................. ..........
هُوَ الْعِيدُ عِيدُ
بِأَيَّةِ حَالٍ يَعُودُ
بِمَا قَدْ مَضَى أَمْ بِأَمْرٍ جَدِيدُ
أَمَّا الأَحِبَّةُ فَالبِيدُ دُونَهُمُو
وَأَمَّا ثَبِيرٌ فَمَا عَادَتِ العُصْمُ تَأْمَنُ
فِيهِ وَأَمَّا حِرَاءُ فَإِنَّ ﭐلصَّنَوْبَرَ يُورِقُ فِي جَوْفِهِ ثُمَّ
يَمْتَدُّ بَيْنَ الْمُحِبِّينَ أَغْصَانُهُ تَتَسَلَّلُ جَهْراً إِلَى صَدْرِ
كُلِّ عَشِيقٍ عَسَاهَا تَفُكُّ طَلاَسِمَ دَقَّاتِ كُلِّ ﭐلقُلُوبِ. وَأَمَّا
الْجُنُودُ فَمَا عَسْكَرُوا فِي الثُّغُورِ وَمَا زَيَّنُوا بِالدِّمَاءِ
ﭐلثُّغُورَا
وَلَكِنَّهُمْ عَسْكَرُوا مَوْهِناً فِي البُيُوتِ
وَعِنْدَ الضُّحَى طَارَدُوا فِي الْحُقُولِ
الطُّيُورَا
هُوَ العِيدُ مَنْ سَرَّهُ العِيدُ هَذَا الْجَدِيدُ
فَإِنِّي بِأَزْهَارِهِ مَا لَقِيتُ السُّرُورَا
هُوَ العِيدُ مَنْ سَرَّهُ العِيدُ وَالصَّحْبُ
لَيْسُوا حُضُورَا .؟
اِشْتَعَلْتُ أَخِيراً
وَها أَنَذَا أَحْتَرِقْ
هَذِهِ الرِّيحُ مِنْ صَدْرِ سَارَةَ،هَذَا
الصَّبَاحَ، تَهُبُّ وَمِنْ صَدْرِِ صَحْبِي الْمَسَاكِينِ،هَذَا الصَّبَاحَ،
تَهُبُّ وَتَجْمَعُنِي مِنْ رَمَادِي تَقُولُ ٱنْطَلِقْ أَيُّهَا الوَلَدُ الصَّلْدُ
لَبَّيْكَ إِنِّي سَأَنْطَلِقْ:
إِنِّّي ﭐمْرُؤٌ عاهَدَنِي خَلِيلِي
أَلاَّ أَقُومَ الدَّهْرَ فِي الكَيُّولِ
إِنّي ٱمْرُؤٌ بِحُبِّيَ الْمَسْلُولِ
أَنْفُخُ فِي الرَّمَادِ وَالطُّلُولِ
فَيُزْهِرُ النَّوَّارُ فِي الْحُقُولِ
وَيَمْتَطِي حِصَانَهُ خَلِيلِي
فَأُبْصِرُ كَفَّ الرِّيَاحِ اللَّوَاقِحِ
تَجْمَعُنِي حَبَّةً
حَبَّةً
مِنْ رَمَادِي
تَقولُ ٱنْطَلِقْ
أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُرُّ
إِنِّي ٱنْطَلَقْتُ ٱنْطَلَقْتُ ٱنْطَلَقْنَا
فَمَنْ مَعَنَا مِنْكُمُو يَنْطَلِقْ
وجدة: 27/8/1985
---------------------