"العشق
المشروع"
لا شرعية إلا شرعية الكتاب
"هذا
حائطك وتلك يمينك
إن أنت
دونت أدبا
جنيت
كتبا ..."
بقلم
رشيد أبو نزار
اليوم بين يدي
مؤلف صادر حديثا عن دار الوطن لكاتبته الإعلامية والأديبة وفاء الحمري المزدادة
بمدينة طنجة/ المغرب.
وأنا أتصفحه لا أخفيكم
أنه انتابني شعور غريب امتزجت فيه الغبطة بالندم:
أغبط الإعلامية
وفاء الحمري لأنها عرفت كيف تستغل استفزازات الفيس بوك، وأسئلته اليومية فتجيب عنها بعقلية الأديبة والمفكرة
ملخصة ذلك في شذرات شعرية/ فلسفية عميقة في محتواها..
وبعد كل جواب
تحتفظ بما خطت يمينها في ملف خاص ولا تتركه يغرق في جب الفيس بوك ، حتى اجتمع
لديها مؤلف كامل أطلقت عليه اسم "العشق المشروع". وهنا مكمن الغبطة
اتجاه هذا المؤلف الذي ذكرني بنصيحة كنت
قد أسديتها لأصدقائي، على ضرورة جمع شذراتهم في ملف خاص ،بعد أن فطنت إلى ضياع
كثير من الأشياء الجميلة -كنت قد كتبتها - ليس بشهادتي ولكن بشهادة أصدقاء أثق في
ذوقهم وأثق في "جيماتهم " /(إعجابهم) التي يعطونها حقها ولا يوزعونها
عبثا ،كما يفعل الكثيرون.. اعترف أني انتبهت إلى ما نصحت به رفاقي متأخرا جدا
،وهنا مكمن الندم ..واذكر فيما أذكر أن
الكاتبة وفاء الحمري وهي من جملة أصدقائي الذي
احترمهم جدا واحترم فيهم تلك
القدرة الإبداعية والتنظيمية كانت قد زكت نصيحتي بقولها أنها تفعل هذا
الشيء من زمان.. لهذا لم استغرب أنها جنت كتابا كان
نتاجا لما خطت يمينها ولما احتفظت
به في ملفاتها..
رغم هذا يبقى الإحساس
بالغبطة الأكبر والأجمل حين تفاجؤك أدبية بكتاب يضم أغلب شذراتها المتميزة،
والتي تقرؤها مجموعة بين دفتين، تعيد إليك
تلك العلاقة الحميمية بالكتاب الذي تقبل على قراءته بنهم ومتعة .هي المتعة
التي بدأنا نفقدها بعد أن ابتلينا بعادة الصعود والهبوط بحثا عن جملة أو جملتين
مفيدتين في بحر مليء بالتفاهات وصور لاعب كرة السلة المشهور بابتسامته في وجه كل شيء ...
تلك الأفكار
المرتبة والمعجونة بالشعر أو بالفلسفة أو بالعشق أو بالسخرية المرة هي ما نبحث عنها
والتي تؤسس لما أصبح يسمى "بالأدب الأزرق "،نسبة إلى ما هو
منثور على صفحات الفيس بوك، والذي يفسر أن الكاتب الحقيقي هو ذاك القادر على
التكيف مع كل شكل جديد.. فالفس بوك فرض الاختصار والسرعة والتواصل الفوري، ومن
يريد أن يبق على قيد الإبداع عليه أن
يتكيف مع هذا الاختصار والتفاعل مع المتلقي في آراءه وتعقيباته، لكن في نفس الوقت
عليه أن يتجنب سلبية الفيس بوك ،ويفكر في بناء ريبرطواره الأدبي والإبداعي الذي يضمنه الكتاب ويضمن من خلاله حقوقه
الفكرية، التي بالمناسبة قد أصبحت مهددة
بشكل خطير على حائط الفيس بوك مع انتشار ظاهرة الكوبي كولي، وأولئك الذين يتلقفون
أي شيء ويلصقونه على حائطهم دون خجل أو
وجل و دون حتى أدنى إشارة لقائلها الأصلي ...
إذن فالعشق
المشروع عرف كيف ينجو بنفسه من ضياع الفيس بوك وجاء جديدا في حلته وقديما في فكرته...بمعنى
أن الكتابة الشذرية نوع أدبي كان موجودا لكن بقليل من الاهتمام والنشر، لكن تقنية الفيس بوك
ساهمت في زخمه وكثرته وفرضت اختصار الفكرة في أقل عدد من الكلمات... والمبدعة وفاء
الحمري عرفت كيف تنقذ شذراتها وتحولها من
متعة اللحظة إلى متعة أدبية /أبدية يرجع إليها القارئ متى شاء,,لهذا قلت
أن" العشق المشروع" كشذرات فيسبوكية
حقق شرعية أخرى بالكتاب، الذي يعتبر أصل
الكتابة، ولا يمكن الاستغناء عنه بأي شكل من الأشكال.. فيه تتجدد المطالعة وتجدد
معها المعرفة.. وان أهمله المبدع حتما سيحكم على نفسه بالإفلاس باستنفاذ مخزونه
الفكري ..لأن الانغماس الكلي في الفيس بوك سيسقط الأديب في نوع من الاجترار سواء لأفكاره
أو لأفكار غيره، وأكبر أنواع الإفلاس أيضا
هو كيفية إثبات ما أنتجه المبدع من أفكار
إن لم يحصنها بحقوق الطبع والنشر ..
فما أحوجنا لمن يرجعوننا إلى رحم الورقة بكل ما لها من طقوس خاصة وممتعة
تتحكم في الذي بين يديك كما
تشاء ولا تترك نفسك لتيارات
الافتراض التي تلقي بك صعودا
وهبوطا دون أن تشبع رغبتك في القراءة.. فالكتاب
الورقي وجبة فكرية مكتملة كما هو حال "العشق المشروع" الذي جاء
عبارة عن شذرات اجتمع فيها الشعر، والنثر، والفكر، والتصوف، والحب،
والحكمة، والأسطورة، والحلم ،ومعاناة الحرف، واحتفاء بلحظة ولادة الفكرة ولحظة الفرح بها من طرف
متلقيها،ومعاناة المواطن و الوطن ...
باختصار "العشق
المشروع " صفحة في كتاب لا تجعلك
تحيد عنها النظر ولا يزعجك فيها مخلوق
بدعوتك إلى شيء آخر ينسيك متعتك ..