skip to main |
skip to sidebar
6:29 م
المقهى الأدبي وجدة
بناء المرتجلة في مسرح "محمد الكغاط":
بقلم/محمد عبد الفتاح
قبل المقاربة:
--------------
نود أن نشير بداية إلى أن مظاهر تحليل النص المسرحي من خلال
الدراسات والأبحاث كما يشير إلى ذلك الدكتور" بشير القمري" تثير غير قليل
من الأسئلة والإشكالات والقضايا المترابطة ، وقبل السعي في تحليل مشروع
العرض المسرحي المرتجلة الجديدة نقترح الصيغة المنهجية التي سننطلق منها في
هذا التحليل/المقاربة من أجل إدراك المرتجلة ككيان ونظام بنيويين، وكنسق
ثقافي رؤيوي، جمالي وكخصوصية نصية.
فعندما نفكر في مواجهة نص
ما معطى كحقيقة شكلية نحللها، وننظر فيها كطبيعة تشكلية تجعلنا نأخذ بعين
الاعتبار السمة التراتبية لانبثاق النص، وتناسله في بنيات، أو وحدات نصية،
فننتقل من العام إلى الخاص، ومن الخاص إلى العام، ومن الكلي إلى الجزئي،
ومن الجزئي إلى الكلي، ثم ننتقل في مرحلة أخرى من بنيات نصية كبرى، إلى
بنيات نصية صغرى، ومن داخل النص إلى خارجه للبحث في تشكلات النص
وتشاكلاته23، ثم بعد ذلك نعرج على مستويات تقديم المادة المسرحية نصيا
وتشخيصها لغويا على مستوى التركيب والدلالة والتحليل، إلى جانب عناصر أخرى
تشكل ما نسميه بمكونات الخطاب المسرحي(ذات، موضوع، حكاية، برنامج)، ويقصد
بهذه المكونات: زمنية النص، وفضاؤه، وشخوصه، والحكاية التي يقدمها.
ومادام النص المسرحي متعددا: نص الكتابة، ونص العرض من جهة، ونص المخرج
والممثل من جهة أخرى فإن "باتريس بافيس" يدعو إلى الحديث عن بعض سمات النص
المسرحي.
وبجرد مبسط لجل مسرحيات "الكغاط" يتراءى لنا هذا
التفرد في صياغة "تكوينية إستيتيقية" توحد بين طقوسية الكتابة، وتقنية
الإخراج والأداء، بعبارة أخرى كان الإخراج فيها موازيا للتأليف، وداخل
أعماله التي تحاول توظيف تقنية الارتجال نلمس بشكل جلي هذه الخصوصية
المتفردة:(الشميسة لالة، المرتجلة الجديدة، مرتجلة فاس) تخصيصا، ويمثل
مسرحه نوعا من ذلك المسرح الذي لا ينغلق داخل تيار بعينه، إنه مسرح "ورشة"
يأبى أن يدخل في متاهات التنظير بعكس تجارب أخرى تدعي التأصيل والتفرد،
والمحافظة على الهوية، وتوظف التراث بموجب ذلك بمناسبة وبغير مناسبة، ولعل
مشروع التساؤل الذي يطرح بصدد تجربة "محمد الكغاط" والمتعلق باللغة التي
صاغ بها مسرحياته، هو هل فعلا أراد "الكغاط" أن يقنعنا بأن اللغة المتداولة
بيننا ليست بسيطة أو حقيرة، وخالية من المعنى، حتى يحملها كل تلك المواقف
والقيم والنأي بها بعيدا لكي لا تكون لغة استهلاك مجانية فارغة وعارية من
الصدق داخل النسيج الدرامي؟ إنها اللغة التي حرص "الكغاط" على تعهدها
بالرعاية حتى في المشاهد التي كانت من تأليف الممثلين في مسرحيته "المرتجلة
الجديدة" استجابة لطبيعة المرتجلة، حيث كتبت مشاهد من طرف الممثلين بتوجيه
من المخرج كما في الصفحة 33:( يشير "الكغاط" إلى أن هذا المشهد كتب من طرف
هذا الممثل بتوجيه منه)
الممثل3:- أنا ممثل...ممثل كبير ومشهور...وعلى
المسرح ديما غيور(...) شكون أنا وعلا ش أنا هنا؟ واش بغيت؟ أنا عبد ضعيف
قبل كل شيء، وهذا العبد الضعيف من عادته أنه أناني...وتيبغي راسو أكثر من
ناسو...جيت للمسرح وأنا حاصل على دبلوم بدرجة ممتاز في المواد التالية:
الغدر والمكر...والخداع والفشر...
"المرتجلة الجديدة": نحو تحليل نصي دراماتورجي:
إن سيميولوجيا المسرح في نظر بافيس هي منهج تحليل النص أو العرض،
ومن ثم فهي تهتم بالبناء الشكلي لهما، كما تهتم بدينامية وتشييد(أو بناء)
سيرورات الدلالة24، ومادام نص العرض مغيبا25، فسنقتصر على الإمكانات التي
يتيحها نص الكتابة، وهو نص يتخذ على مستوى نظام الكتابة والتمظهر النصي
معمارية مقطعية شذرية متلاحقة، تتوزع هذه المعمارية على الشكل التالي:
مقاطع نص المرتجلة:
* المقطع الأول: من الصفحة 17 إلى الصفحة 25:
- يقدم " الماكيور" باقي التقنيين وهو في حركة دؤوبة فوق خشبة المسرح قبل
أن يقتحم "المتسلط المؤلف" و"المتسلط المؤلف" و"المتسلط المخرج" فضاء
العرض.
* المقطع الثاني: من الصفحة 26 إلى الصفحة 32 :
- يدخل "المسرحي" في صراع مع "المتسلط المؤلف" و"المتسلط المخرج" حول قضايا مرتبطة بالتأليف والكتابة والإخراج.
* المقطع الثالث: من الصفحة 33 إلى الصفحة 36 :
- وفيه يقدم الممثلون( الممثل الأول والممثل الثاني والممثل الثالث) أنفسهم إلى الجمهور.
* المقطع الرابع من الصفحة 37 إلى الصفحة 44 :
- يعود "المسرحي" إلى صراعه مع "المؤلف المتسلط" و"المخرج المتسلط"،
ويتواطؤ الأخيران عليه، ويشرعان في تأليف نص" على السريع" يستجيب لرغبات
الجمهور.
* المقطع الخامس : من الصفحة 37 إلى الصفحة 49 :
- تتفرق السبل بين "المتسلط المخرج" و"المتسلط المؤلف"، و"المتسلط الناقد" بعد فشل المسرحية.
الشخوص والحدث الدرامي :
تتوزع شخصيات المرتجلة بين "الماكيور" و"المتسلط المؤلف" و"المتسلط
المخرج" و"المتسلط الناقد"، و"المسرحي" و"الممثل الأول" و"الممثل الثاني"
و"الممثل الثالث". يقدم المؤلف شخوص "المؤلف المتسلط" و"المخرج المتسلط"
و"الناقد المتسلط" كشخصيات تتشابه من حيث ردود الأفعال والطموحات المبيتة
في إحراز تفوق مادي ومعنوي على حساب ذوق الجمهور، بينما قدم شخصية المسرحي
كشخصية عاشقة لهذا الفن، متطلعة إلى اليوم التي تشرق فيه الشمس على سماء
الخشبة، وجاءت شخصية الممثلين متباينة، متنافرة في طموحاتها وتطلعاتها بين
الانجذاب لهذا الجنس ( المسرح)، والارتزاق على حسابه، وهي قبل ذلك وبعده،
قابلة لأن تكون مشاريع مستقبلية للحال التي يتواجد عليها "المؤلف المتسلط"
و"الناقد المتسلط" و"المخرج المتسلط"، أما شخصية "الماكيور" فقد جاءت باهتة
من حيث مشاركتها في بناء الحدث الدرامي، فبعد أن قدم هذا الأخير تقنيي
المسرحية توارت شخصيته عن الأنظار لتفسح المجال أمام شخوص أخرى أثّرت
وأثْرت العمل المسرحي.
والمفترض أن الموضوع الذي تعالجه
المرتجلة هو قضايا المسرح ذاته في ارتباطه بواقعه، ويتضح ذلك من خلال
حوارات "المسرحي" في صراعاته المريرة مع "المؤلف المتسلط "و"الناقد
المتسلط" و"المخرج المتسلط"، "المؤلف المتسلط" الذي يرغب في كتابة نص ليقوم
"المخرج المتسلط" بعد ذلك بإخراجه.
المتسلط المؤلف: ( وهو يشعل سيجارة)
ثلاثة الباكيات ونص...
والقرعة السابعة وصلت للنص....
وما زال ما كتبنا حرف في النص....
اللي قالك النص ساهل يكتب غير نص النص....
غير ربع النص...غير حرف من النص....
المتسلط المخرج: ( ينزل رجله من السلم)
ما كاينش ما أسهل من كتابة نص مسرحي...
100.5.4.3.2 ديال الناس كيهدرو وهانت عندك نص26.
وفي موضع آخر من المرتجلة يقول "المتسلط المؤلف" ل"لمخرج المتسلط":
المتسلط المؤلف: واخا فكر أنت في الإخراج ديالك علاما نوجد ليك النص...
المتسلط المخرج: أنا الإخراج ديالي تقريبا واجد...خصو غير النص اللي يلبسو...
وإذا كان هدف المخرج والمؤلف بهذا الشكل، وهو إيجاد نص مسرحي
كيفما اتفق، فإن شخصية "المسرحي" تحضر بينهما بما يشبه المحاكمة، وهما معا
يرغبان قبل ذلك في تدجينه حتى ينخرط معهما في لعبة إفساد ذوق الجمهور.
المسرحي: رسالة المسرح لا تنقطع
المؤلف المتسلط: فكر في رزقك المنقطع.27
الحوار المسرحي في المرتجلة الجديدة:
إذا كان الحوار المسرحي هو التبادل الشفوي( لغويا) بين شخصيات المسرحية
كما يقول باتريس بافيس، أي التخاطب الذي يجري بين شخصين أو أكثر،28 فإننا
نفترض أن حوارات "الماكيور"، والممثلين في المقطع الأول والثالث من
المرتجلة رغم عدم وجود مخاطب( متحدث إليه) هو حوار مسرحي بشرطين:
* شرط القارئ الذي يتحول مخاطبا لحظة القراءة.
* شرط المتفرج لحظة العرض.
وهكذا يمكن أن نميز حوارية نص المرتجلة، انطلاقا من أوضاع بعينها
- حوار الممثلين والماكيور مع الجمهور/القراء.
- حوارات المؤلف والناقد والمخرج مع بعضهم.
- حوار المسرحي مع نفسه ( مونولوج).
يتعضد هذا الحوار بإمكانات تكسير الإيهام بالفعل المسرحي، من
خلال إشارات بين الفينة والأخرى إلى أن الأمر لا يتجاوز الحياة الواقعية
لشخوص كان المفروض أن تتمنطق بلعبة الحكي، لتحكي عن حيوات أخرى، لكنها تصدم
القارئ/المتفرج بالحديث عن قضاياها وهمومها الشخصية والإبداعية، لماذا لا
يمثل الممثل حياته الواقعية فعلا؟ إننا هنا أمام تقنية "الميتامسرح" كمضمون
وتقنية، يستنفر المؤلف فيها كل طاقاته الإبداعية للحديث عن طائفة يطالها
النسيان مع أنها هي صانعة الفرجة في المقام الأول.فماهي تجليات الممارسة
الميتامسرحية لدى الكغاط من خلال استدعائه لتقنية "المسرح داخل المسرح"؟.
إن الكغاط له فهمه الخاص للمرتجلة كما له أسبابه التي دفعته إلى خوض تجربة
من هذا النوع بسطها في مقدمة مسرحيته هاته، وكشف عنها حوار المرتجلة.
وكما يرتبط الحوار بهذا العنصر، يرتبط كذلك بإمكان تصور الحكاية
المعروضة التي تتمفصل بين عدة مواثيق نصية مسرحية يفرضها الحوار نفسه عندما
نتعامل معه كقانون( سنن) تلفظي في تمثل الحكاية وتصور تقلباتها ومدارج
تخيلها انطلاقا من تيمة "الغاية" التي يصبو إليها "المسرحي" التي تتحول
شخصيته إلى عامل( فاعل) يبحث عن موضوع هو الانتشاء بتيار دافق من المشاعر
الحالمة يولده فعل وتفاعل اسمه المسرح، وتعترض سبيله عوائق تحول دون تحقق
هذا الوصال الجارف: "المخرج المتسلط"، و"المؤلف المتسلط"، و"الناقد
المتسلط"، وهو البعد النصي الذي يترجمه حوار "المسرحي"، وينعكس على بعد
الحكاية كمادة متخيلة تلغي قرائن الزمن والفضاء والحدث بالمعنى المتصلب
المعتاد في المسرح لتتحول هذه المكونات إلى قرائن يولدها فعل القراءة
النصية.
إن الحوارات الموجودة بالصفحة31 بين "المتسلط المخرج"
و"المتسلط المؤلف" حول المرامي التي يتغياها الإثنان في سياق تواطؤهما على
"المسرحي" المهووس بعالمه الخاص، تستند في منطقها إلى إبراز عيوب الجسد
المسرحي، وتصب في انتقاد هذا الواقع، وتقديمه إلى القراء/المتفرجين في صيغة
كاريكاتورية تعتمد السخرية كبعد يفجر اللغة المسرحية.
المتسلط المؤلف: يتحدث عن (الجمهور) في كل وقت...
المتسلط المخرج: ويضرب بنا الأمثال
المتسلط المؤلف:ويستشهد بأقوالنا
المتسلط المخرج: ( يشير إلى المسرحي) ويزعم أنه يعرف المسرح
المتسلط المؤلف: وأنه يريد أن يرتقي بالفن
المتسلط المخرج: المسرحية الجديدة؟
المتسلط المؤلف: أعطني برهة.. أعطيك مسرحية
المتسلط المخرج : لكني أريد شيئا يقتل الجمهور..يقتله ضحكا...أو بكاء،
شيئا يفهمه الجميع، يفهمه وهو
نائم..وليكن تافها..لسنا مسؤولين عن أذواق الجمهور.
ومادام
الأمر على هذا النحو فقد ترجم نص الحوار مأساة "المسرحي" كشخصية مأساوية
تنازعها لونان لا ثالث لهما: الأبيض والأسود، وبما أن البياض حلم متعذر
التحقيق كما يقول الناقد غالي شكري فالسواد هو بطل الحلبة بدون منازع.
المعينات الركحية في المرتجلة الجديدة:
تتفاعل مستويات القراءة النصية، والقراءة الركحية في نص العرض
المرتجلة الجديدة، كمادة تجمع بين الكتابة المسرحية الخالصة، والكتابة
المسرحية الركحية، ويتجلى ذلك من خلال توظيف المعينات الركحية ككتابة
مضاعفة إخراجا وسينوغرافيا من خلال ضبط الحركة وتأثيت فضاء الركح.
إن المعينات الركحية شرط أساسي في التلقي النموذجي الجمالي المرتبط بالعرض في تصور اشتغال الحكاية كما في ذهن المخرج:
*( مشهد وضع الديكور على الخشبة) ص17.
* توصيف فضاء خشبة المسرح ص20.
*يشير إلى المتسلط الناقد الذي يجلس فوق أعلى درجات السلم ص23.
*يضع رجلا على درج السلم ص24.
* تخفت الإضاءة تدريجيا ص25.
* ضوء في مقدمة الخشبة ص26.
*يجلس في مقدمة الخشبة، ظهره إلى الجمهور ص30.
*يحيي المتسلط المؤلف في حرارة ص30.
*يشير إلى المسرحي ص31.
*يدخل وهو يعد خطواته، في حركات تنم عن انعدام موهبة التمثيل لذيه ص33.
*يدخل مقيد اليدين ص35.
*يدخل وهو يصرخ لا نكاد نتبين كلامه ص36.
*في بقعة الضوء في الوسط إلى مقدمة الخشبة...المتسلط المؤلف يجلس في أعلى سلم إلى اليسار...ص37.
*المتسلط المخرج يجلس في أعلى سلم إلى اليمين ص37.
من شأن هاته المعينات الركحية التي وزعت باستفاضة عبر بنيان
المرتجلة أن تمنح النص المركزي( نص الحوار) نصا إضافيا، يتولف في إطار
تركيبة ونظام النص بشكل عام، وتبعا لذلك نميز كما ذهب إلى ذلك الدكتور
"بشير القمري" بين ثلاث ملفوظات:
- ملفوظ المؤلف: (أدبية النص)
- ملفوظ الكاتب: وهو ذو حدين:
*جمالي واع بالكتابة وصياغتها.
*وحد سنوغرافي مؤطر.
- ملفوظ المخرج: ويتحقق في تعالق تام مع الملفوظين السابقين من خلال "نص" المعينات الركحية.
بنية الزمن في نص المرتجلة:
" الزمن في النص المسرحي، كأي نص أدبي هو زمن مفترض، أو زمن متخيل على
مستوى نصية النص، واشتغال إحداثياتها، بل إن هذا الزمن هو شبه زمن كما يقول
السرديون، وتتدخل في تركيبه قرائن هذه النصية على مستوى إكراهات اللغة
كوسيط لاشتغال الحكاية"29.
والزمن في نص مثل نص المرتجلة الجديدة يراعي خاصيتين أساسيتين تتمفصلان في إطار بنيتين زمنيتين متمايزتين:
- زمن المشاهدة لحظة العرض.
- زمن النص لحظة القراءة.
الأول ينتهي بانتهاء العرض المسرحي، والثاني رهين بفعل القراءة.
وإذا انطلقنا من تصور "آن أوبرسفيلد" التي ترى أن زمن المسرح "زمن
متقطع داخل الزمن المعيش"30.فإن الزمن الذي تطرحه المرتجلة هو زمن متخيل
مصدره فعل الإيهام لدى الكاتب، ونجد تبعا لذلك أنفسنا إزاء زمن يتناسل من
خلال الحكاية المعروضة، ومن خلال تسلسل مقاطع النص، يبدأ هذا الزمن بحركة
مشهد التقنيين وهم يلجون خشبة المسرح كزمن مؤطر هو زمن الحكاية التي لا
تملك أي زمن بالمعنى الحرفي إلا فيما سبق الإشارة إليه في "برولوج"
المسرحية خارج بنيان النص من أن المرتجلة كتبت بعد سلسلة من المقالات تصدت
للتسلط والادعاء على المسرح، بما يجعل زمن الحكاية مرتهن بالزمن التي تجري
فيه الأحداث، وهو واقع عايشه " محمد الكغاط" كمبدع مسرحي اكتوى بنار هذه
الممارسات اللامسرحية السائدة في الوسط الفني المغربي، فعمل على معالجتها
في قالب مسرحي هو "مسرح داخل المسرح".
تستغرق بنية الزمن
المتخيلة في نص المرتجلة مسافة تبدأ بمحاولة المؤلف كتابة نص تحت الطلب ثم
المزايدة على بيع هذا النص للمخرج
المتسلط المخرج: دير قضية
المتسلط المؤلف: شنو هي ؟
المتسلط المخرج: بيع النص
المتسلط المؤلف: شحال تعطي ؟
المتسلط المخرج: حتى نشوفو...
المتسلط المؤلف: دابا ملي كاين الشاري، غادي نوجدو بالزربة...أعطيني وحد الربع ساعة دا السكات تسبيق...
المتسلط المخرج: خذ ساعة بوجهها
المتسلط المؤلف: بزاف... ساعة فيها ربعة دا النصوص
المتسلط المخرج: خذ التسبيق اللي بغيت من الوقت....
ورد بالك من ذاك السيد ( يشير إلى المتسلط الناقد الذي يجلس فوق أعلى السلم).
ثم تستمر البنية بعد كتابة النص وعرضه على جمهور مفترض غائب وبعد
أن يفشل العرض ينقسم "المتسلط المخرج" و"المتسلط الناقد" و"المتسلط
المؤلف" إلى تيارات متطاحنة.
المتسلط المخرج: النص ديالك هو اللي قسمنا
المتسلط المؤلف: الإخراج ديالك هو اللي خرج علينا
المتسلط الناقد: الملحة... قلت ليكم الملحة: يعني التكوميك...
المتسلط المخرج: هذا النص ما تفيد معاه ملحة...
المتسلط المؤلف: هذاك الإخراج ...والله وخا تخرج لو الملحة البحر كلها...
المتسلط الناقد: الملحة...الملحة...
المتسلط المخرج: هذاك النقد ديالك بعدا مسوس
المتسلط المؤلف: ما فيه لا سكر ولا ملحة...
( يختفون)
إن هذه البنية الزمنية ذات مستوى زمن حاضر في النص/ العرض
يفرضها منطق وترهين الزمنين في حدود تفاعلهما وتقاطعهما أحيانا، وتأخذ
أنساقا متعددة من خلال توليفة الحدث ونمائه في سياقه الزمني لتركيب عالم
اللحظة المبأر مع أزمنة أخرى: زمن العرض المسرحي، وزمن التلقي، وزمن
الشخصية، وزمن الحدث..ليصبح الزمن هنا ذا بنية متشظية، دون أن نغفل ما يمكن
أن تسهم فيه تقنيات المسرح: الإضاءة، الموسيقى، الأزياء، المنظر، الأدوات
الركحية، الماكياج...ألخ في تشكيل وعي جمالي بقيمة هذا العنصر في لحظة من
لحظات تدفق وانسياب العرض المسرحي.
إرسال بالبريد الإلكتروني
كتابة مدونة حول هذه المشاركة
المشاركة في Facebook