الجمعة، 30 نوفمبر 2012

قصة غريبة/عبد السميع بناصر

 قصة غريبة

عبد السميع بناصر

قبلَ سنَة حدثتْ لي قصّةٌ تَحمِلُ منَ الغرابةِ ما يَجعَلُني مُتحَمّساً لِحَكْيِها..
كُنّا اثنينِ، أنا وَصديقي، وثالِثُنا شيخٌ مُسِنٌّ ساقتهُ الأقدارُ إلى مُشاركَتِنا مَرارةَ انتِظارِ سيّارةِ أُجرةِ من الصّنفِ الكَبيرِ في لَيل بهيم، بأحدِ شوارِعِ الحمراء.
أذكُرُ أنَّ تأخُّرَ الطّاكسي منحَ لنا فُرصةً الغوصِ معَ الشّيخِ في عدّةِ مواضيع، بدءاً بحالةِ الطّقس وانتهاءً بالرّبيعِ العربي وأثرهُ على المَنتوج الفلاحي والهدرِ المدرسي !!..
أخيراً جاءَتِ الطّاكسي الملعونَةُ بعدَ أن شبّهها صديقي بـ"غودو" عِندما بلغَ المللُ منا مبلَغَه.
داخِلَ الطّاكسي "تَسيّفَ" علينا الشّيخُ عِندما طَفِقَ ينفُضُ جلبابهُ صائحاً:
"بزطامي.. أينَ بزطامي؟"
طمأنتهُ قائلاً:
" مهلاً آلحاج.. لازِلنا معكَ" ثُمّ استطردتُ مازِحاً:
" اللّصانِ لا يزالانِ معك"..
فجأةً ارتسمتْ ملامِحُ الارتياح على وجه الشّيخِ..
"ها هوَ.. لقدْ وجدتُه" وتابعَ مُجامِلاً:
" حاشا.. اللّصوص آوليدي باينينغير من وجوههم"..
وهكذا امتدّ بِنا الحديثُ عن الأخلاقِ ودُنيا المظاهرِ..إلخ، فوجدتُها فُرصةً لِأستشهِدَ بقول شِعريّ:
"ومهما تكُن عِندَ امرئ من خَليقة..."
خرجَ سائقُ الطّاكسي عن صمتهِ وهو يُقدّمُ لي عُلبةَ كلِنِكسْ "هاكَ آخويا كَنّشْ لي هاد التويشية، راه عزيز عليّ هاد الوليدات بحالك لي كايهضرو باللُّغة العربية"..
قُلتُ:
"بِكُلّ سُرور، إنّهُ بيتٌ للشّاعرِ الجاهِليّ زُهيرٌ بنُ أبي سلمى المُزني"
وأنا مُنهمِكٌ في كِتابةِ البَيتِ، عنّ لِصديقي أن يقولَ في زهو:
" صديقي هذا الذي ترونهُ، كاتِبٌ معروفٌ، وَلهُ كتبٌ منشورة أيضاً.."
قاطَعَهُ سائِقُ الطّاكسي قائلاً بِبَداهة:
" وايلي حتّى أنتَ، واش غاتْوَرّينا زُهير بنُ سلمى !!"
عقّبَ الشّيخُ بِنفسِ البَداهةِ:
" آيْهايْ، عْلاه كلام اللّه يَخفى؟ !!"

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best Buy Coupons تعريب : ق,ب,م